فصل: 2- الطواف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.الثاني: إلتقاء الخنانين:

أي تغييب الحشفة في الفرج وإن لم يحصل إنزال، لقول الله تعالى: وإن كنتم جنبا فاطهروا قال الشافعي: كلام العرب يقتضي أن الجنابة تطلق بالحقيقة على الجماع وإن لم يكن فيه إنزال، قال: فإن كل من خوطب بأن فلانا أجنب عن فلانة عقل أنه أصابها وإن لم ينزل.
قال: ولم يختلف أحد أن الزنا الذي يجب به الجلد هو الجماع، ولو لم يكن منه إنزال ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل أنزل أم لم ينزل» رواه أحمد ومسلم، وعن سعيد ابن المسيب: أن أبا موسى الاشعري رضي الله عنه قال لعائشة: إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا استحي منك، فقالت: سل ولا تستحي فإنما أنا أمك، فسألها عن الرجل يغشى ولا ينزل فقالت عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أصاب الختان الختان فقد وجب الغسل»، رواه أحمد ومالك بألفاظ مختلفة.
ولا بد من الايلاج بالفعل، أما مجرد المس من غير إيلاج فلا غسل على واحد منهما إجماعا.

.الثالث: انقطاع الحيض والنفاس:

لقول الله تعالى {ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله}، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها «دعي الصلاة قدر الايام التي كنت تحيضين فيها، اغتسلي وصلي» متفق عليه، وهذا، وإن كان واردا في الحيض، إلا أن النفاس كالحيض بإجماع الصحابة، فإن ولدت ولم ير الدم فقيل عليها الغسل، وقيل لا غسل عليها، ولم يرد نص في ذلك.

.الرابع: الموت:

إذا مات المسلم وجب تغسيله إجماعا، على تفصيل يأتي في موضعه.

.الخامس: الكافر إذا أسلم:

إذا أسلم الكافر يجب عليه الغسل، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن ثمامة الحنفي أسر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغدو إليه فيقول: ما عندك يا ثمامة؟ فيقول: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تمنن تمنن على شاكر، وإن ترد المال نعطك منه ما شئت، وكان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يحبون الفداء ويقولون: ما نصنع بقتل هذا؟ فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم، فحله وبعث به إلى حائط أبي طلحة وأمره أن يغتسل، فاغتسل وصلى ركعتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد حسن إسلام أخيكم» رواه أحمد وأصله عند الشيخين.

.ما يحرم على الجنب:

يحرم على الجنب ما يأتي:

.1- الصلاة:

.2- الطواف:

وقد تقدمت أدلة ذلك في مبحث ما يجب له الوضوء.

.3- مس المصحف وحمله:

وحرمتهما متفق عليها بين الائمة ولم يخالف في ذلك أحد من الصحابة، وجوز داود ابن حزم للجنب مس المصحف وحمله ولم يريا بهما بأسا، واستدلالا بما جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى هرقل كتابا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم...إلى أن قال {يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون}، قال ابن حزم: فهذا رسول الله بعث كتابا، وفيه هذه الآية إلى النصارى وقد أيقن أنهم يمسون هذا الكتاب، وأجاب الجمهور عن هذا بأن هذه رسالة ولا مانع من مس ما اشتملت عليه من آيات من القرآن كالرسائل وكتب التفسير والفقه وغيرها، فإن هذه لا تسمى مصحفا ولا تثبت لها حرمته.

.4- قراءة القرآن:

يحرم على الجنب أن يقرأ شيئا من القرآن عند الجمهور.
لحديث علي رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة» رواه أصحاب السنن، وصححه الترمذي وغيره.
قال الحافظ في الفتح: وضعف بعضهم بعض رواته، والحق أنه من قبيل الحسن، يصلح للحجة، وعنه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن ثم قال: «هكذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا ولا آية» رواه أحمد وأبو يعلى وهذا لفظه، قال الهيتمي: رجاله موثقون، قال الشوكاني: فإن صح هذا صلح للاستدلال به على التحريم.
أما الحديث الأول فليس فيه ما يدل على التحريم.
لأنه غايته أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك القراءة حال الجنابة، ومثله لا يصلح متمسكا للكراهة، فكيف يستدل به على التحريم؟. انتهى.
وذهب البخاري والطبراني وداود وابن حزم إلى جواز القراءة للجنب.
قال البخاري: قال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الحائض الآية، ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
قال الحافظ تعليقا على هذا، لم يصح عند المصنف يعني البخاري شيء من الأحاديث الواردة في ذلك: أي في منع الجنب والحائض من القراءة، وإن كان مجموع ما ورد في ذلك تقوم به الحجة عند غيره لكن أكثرها قابل للتأويل.

.5- المكث في المسجد:

يحرم على الجنب أن يمكث في المسجد، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد» ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا، رجاء أن ينزل فيهم رخصة، فخرج إليهم فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب» رواه أبو داود، وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته: «ان المسجد لا يحل لحائض ولا لجنب» رواه ابن ماجه والطبراني.
والحديثان يدلان على عدم حل اللبث في المسجد والمكث فيه للحائض والجنب، لكن يرخص لهما في اجتيازه لقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} وعن جابر رضي الله عنه قال: «كان أحدنا يمر في المسجد جنبا مجتازا» رواه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور في سننه.
وعن زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون في المسجد وهم جنب، رواه ابن المنذر.
وعن يزيد بن حبيب: أن رجالا من الانصار كانت أبوابهم إلى المسجد، فكانت تصيبهم جنابة فلا يجدون الماء، ولا طريق إليه إلا من المسجد، فأنزل الله تعالى {ولا جنبا إلا عابري سبيل} رواه ابن جرير.
قال الشوكاني عقب هذا: وهذا من الدلالة على المطلوب بمحل لا يبقى بعده ريب، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ناوليني الخمرة من المسجد فقلت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك» رواه الجماعة إلا البخاري، وعن ميمونة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهي حائض فيضع رأسه في حجرها فيقرأ القرآن وهي حائض، ثم تقوم إحدانا بخمرته فتضعها في المسجد وهي حائض» رواه أحمد والنسائي وله شواهد.

.الأغسال المستحبة:

أي التي يمدح المكلف على فعلها ويثاب، وإذا تركها لا لوم عليه ولا عقاب، وهي ستة نذكرها فيما يلي:

.1- غسل الجمعة:

لما كان يوم الجمعة يوم اجتماع للعبادة والصلاة أمر الشارع بالغسل وأكده ليكون المسلمون في اجتماعهم على أحسن حال من النظافة والتطهير.
فعن أبي سعيد رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «غسل الجمعة واجب على كل محتلم والسواك وأم يمس من الطيب ما يقدر عليه» رواه البخاري ومسلم.
والمراد بالمحتلم البالغ، والمراد بالوجوب تأكيد استحبابه، بدليل ما رواه البخاري عن ابن عمر: «أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة، إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عثمان، فناداه عمر: أية ساعة هذه؟ قال: إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد أن توضأت، فقال: والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل؟».
قال الشافعي: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، دل ذلك على أنهما قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار.
ويدل على استحباب الغسل أيضا، ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام».
قال القرطبي في تقرير الاستدلال بهذا الحديث عن الاستحباب: ذكر الوضوء وما معه مرتبا عليه الثواب المقتضي للصحة، يدل على أن الوضوء كاف.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص: إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل للجمعة، والقول بالاستحباب بناء على أن ترك الاغتسال لا يترتب عليه حصول ضرر، فإن ترتب على تركه أذى الناس بالعرق والرائحة الكريهة ونحو ذلك مما يسئ، كان الغسل واجبا وتركه محرما، وقد ذهب جماعة من العلماء، إلى القول بوجوب الغسل للجمعة وإن لم يحصل أذى بتركه، مستدلين بقول أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما.يغسل فيه رأسه وجسده» رواه البخاري ومسلم وحملوا الأحاديث الواردة في هذا الباب على ظاهرا وردوا ما عارضها.
ووقت الغسل يمتد من طلوع الفجر إلى صلاة الجمعة، وإن كان المستحب أن يتصل الغسل بالذهاب، وإذا أحدث بعد الغسل يكفيه الوضوء.
قال الاثرم: سمعت أحمد سئل عمن اغتسل ثم أحدث، هل يكفيه الوضوء؟ فقال نعم، ولم أسمع فيه أعلى من حديث ابن أبزى.
انتهى، يشير أحمد إلى ما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه، وله صحبة: أنه كان يغتسل يوم الجمعة ثم يحدث فيتوضأ ولا يعيد الغسل ويخرج وقت الغسل بالفراغ من الصلاة فمن اغتسل بعد الصلاة لا يكون غسلا للجمعة، ولا يعتبر فاعله آتيا بما أمر به، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل» رواه الجماعة، ولمسلم «إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل» وقد حكى ابن عبد البر الاجماع على ذلك.

.2- غسل العيدين:

استحب العلماء الغسل للعيدين، ولم يأت في ذلك حديث صحيح، قال في البدر المنير: أحاديث غسل العيدين ضعيفة، وفيها آثار عن الصحابة جيدة.

.3- غسل من غسل ميتا:

يستحب لمن غسل ميتا أن يغتسل عند كثير من أهل العلم، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ» رواه أحمد وأصحاب السنن وغيرهم.
وقد طعن الائمة في هذا الحديث.
قال علي بن المدايني وأحمد وابن المنذر والرافعي وغيرهم: لم يصحح علماء الحديث في هذا الباب شيئا، لكن الحافظ ابن حجر قال في حديثنا هذا: قد حسنه الترمذي وصححه ابن حبان، وهو - بكثرة طرقه - أقل أحواله أن يكون حسنا، فإنكار النووي على الترمذي تحسينه معترض، وقال الذهبي: طرق هذا الحديث أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء، والأمر في الحديث محمول على الندب، لما روي عن عمر رضي الله عنه قال: كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل رواه الخطب بإسناد صحيح، ولما غسلت أسماء بنت عميش زوجها أبا بكر الصديق رضي الله عنه حين توفي خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت: إن هذا يوم شديد البرد، وأنا صائمة، فهل علي من غسل؟ فقالوا: لا، رواه مالك.

.4- غسل الإحرام:

يندب الغسل لمن أراد أن يحرم بحج أو عمرة عند الجمهور، لحديث زيد ابن ثابت أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم تجرد لاهلاله واغتسل، رواه الدار قطني والبيهقي والترمذي وحسنه، وضعفه العقيلي.